ولد فى الثانى من شهر فبراير عام 1948 بمحافظة الجيزة من أسرة ثرية ، أنهى تعليمه الثانوى بمدرسة التربية القومية بالزمالك عام 1967 وهو نفس عام إلتحاقه بالكلية الحربية ليتخرج منها عام 1969 ضابطاً بسلاح المشاة ، ولكنه يلحق على سلاح الصاعقة عقب تخرجه حيث يثبت بهذا السلاح تفوقاً وجدارة تؤهله أن يرشحه العقيد عالى نصر أحد قدامى المجموعة وكان قريباً له للألتحاق بالمجموعة 39 – قتال التى كان حلم حياته الألتحاق بين صفوفها ، وهاهى الأمنية تتحقق عام 1972 ويجد نفسه قريباً جداً من قائد المجموعة العقيد إبراهيم الرفاعى الذى كان دائم التضحية وكلمة واحدة لا تفارق فمه:
" كله من أجل مصر "
كان الرفاعى دائماً يضرب المثل لضباطه ، وجنوده , وكان لا يكلفهم بعمل إلا إذا كان هو شخصياً قادراً على تنفيذه . وعلى سبيل المثال فى ميدان التدريب على قذف القنابل كانت أحياناً تكذب إحدى القنابل ولا تنفجر فكان قبل أن يأمر أحد ضباطه بأصابتها بالرصاص لتفجيرها كان يقوم هو أولاً بالتصويب نحو القنبلة وتفجيرها .
شارك محمد فؤاد مراد ضمن صفوف المجموعة فى عمليات الإستطلاع خلف خطوط العدو التى سبقت حرب أكتوبر المجيدة ، ومنها عملية مع الرائد مجدى عبد الحميد لتصوير ناقلات البترول بميناء أبو رديس ، وكذلك تصوير مطار الطور .
وكانت أولى عمليات الأغارة التى قام بها مع أبطال المجموعة هى عملية تدمير المنشآت البترولية فى منطقة بلاعيم فى أولى أيام حرب أكتوبر المجيدة ضمن عمليات قتال القوات المسلحة فى ذلك اليوم ، ولكنه تلقى الأوامر بها من قائده الرفاعى يوم الثلاثاء الموافق 2 أكتوبر 1972 على أنها عملية منفصلة فى عمق العدو ، وحتى عندما ذهب فى التاسعة من صباح يوم السادس من أكتوبر ليستقل الطائرة الهليوكوبتر التى ستقلهم إلى مسرح العملية بجنوب سيناء ، ومع الحالة الغير عادية التى وجد عليها القاعدة الجوية التى كانت مثل خلية النحل ، وكل من بالقاعدة يرتدى خوذته فوق رأسه ظن أن الأمر لا يعدو كونه مناورة بالسلاح والذخيرة ، ولكن مالبثت أن دارت العجلة سريعاً ، وكان وقتها نقيباً فى الرابعة والعشرين من عمره.
وقد أستخدم فى هذه العملية 3 طائرات هليوكوبتر من طراز مى – 8 وقد قام الرفاعى بتلقين الطيارين وكانوا من خيرة طيارى الهليوكوبتر بمصر بالمهمة ودراسة الهدف طبقاً للصور الجوية الحديثة ، والصور الأرضية التى تم تصويرها بواسطة أفراد من المجموعة خلال عمليات الاستطلاع خلف الخطوط .وتم تسليح الطائرات بقنابل زنة 250 كيلو ، وصواريخ شديد الانفجار , ورشاشات من عيارات مختلفة . وفى الثامنة والنصف مساء ذلك اليوم السادس من أكتوبر 1973 أقلعت الطائرات العمودية الثلاثة من قاعدتها المتقدمة بعد أن تم توزيع رجال المجموعة عليها ، وأخذت الطائرات إتجاهها نحو منطقة الهدف فوق مياه خليج السويس وعلى إرتفاع منخفض جداً لتجنب الكشف الردارى لقواعد صواريخ العدو ، وفى التاسعة و45 دقيقة تم الدخول على منطقة المنشآت البترولية ببلاعيم من جهة الجنوب وقبل الهجوم إتخذت الطائرات الأرتفاع المناسب ، وكانت كل طائرة مكلفة بمهاجمة هدف معين فقامت كل طائرة بألقاء حمولتها من القنابل ثم يتم الهجوم بعد ذلك من مسافات محددة وآمنة بالصواريخ والرشاشات على مستودعات البترول ، والمخازن المختلفة ، والمنشآت المجاورة ، وأسفر الهجوم عن تدميرها تماماً وإشتعال النيران بها والتى أستدعى من أجل إخمادها جميع سيارات مطافئ العدو بالمنطقة فأشتركت فى عملية الاطفاء الفاشلة أكثر من 20 عربة . وكان من نتيجة هذه العملية حرمان العدو من بترول آبار بلاعيم ، والبترول المخزن بالمستودعات الثلاثة طيلة أيام القتال وبالتالى حرمت مدرعاته ومركباته من الوقود .
وأثناء ذلك الهجوم تعرضت الطائرات المصرية بإصابات مختلفة من مضادات الطائرات الأرضية للعدو حالت دون وصول الطائرات الثلاثة لداخل القاعدة الجوية المصرية ، وكانت أقرب هذه الطائرات للقاعدة الجوية هى طائرة القائد إبراهيم الرفاعى حيث هبطت خارج أسوار القاعدة وأمر الرفاعى رجاله بالأحتماء والتحصن جيداً فور الخروج من الطائرة خشية أن تتعامل معهم قوات الحراسة المصرية على أنهم من الأعداء , وبالفعل تقدم الطيار وعرف نفسه حتى سمح لهم بدخول القاعدة .
أما الطائرة الثانية لم تتمكن من الطيران بعد عبور خليج السويس فهبطت إضرارياً فى أقرب قاعدة جوية غرب الخليج بعد أن أخبر قائد التشكيل بذلك ، فى حين فشل قائد التشكيل من الأتصال بالطائرة الثالثة وهى التى بها بطلنا محمد فؤاد مراد والتى كانت إصاباتها أشد فسقطت فى مياه الخليج على شاطئ منطقة بلاعيم ويتذكر محمد اللحظات التى سبقت سقوط طائرته فيذكر أنه بعد أن أدى مهمته مع زملائه الأبطال فى قصف المواقع المخصصة لهم وأثناء مناورة الطيار للعودة شعروا بحركة غير عادية فى الطائرة وأنها لا تطير فى خط مستقيم بل تتماوج يميناً ويساراً فظنوا أنها مناورة ماهرة من الطيار لتفادى المضادات الأرضية ، ولكن ذلك كان بسبب إصابة المروحة الخلفية للطائرة وفقدها ، ثم شعروا بأن الطائرة تفقد إرتفاعها وتهوى فى إتجاه جزيرة قرب الشاطئ ، وقد أحسن الطيار الشهيد صنعاً حين قام بأغلاق صمام وقود الطائرة كى لاتنفجر عند إصطدامها بالأرض . أستشهد الطيار مع عدد كبير من المقاتلين فى حين أفاق المقاتل محمد فؤاد مراد ليجد أن العدو قام بسحب الطائرة إلى الشاطئ وقبض عليه أسيراً هو والضابط أحمد جلال من طاقم الطائرة ومصاباً بأحدى عشرة إصابة مختلفة بأنحاء جسده .
بدأت رحلة عصيبة وشاقة على النفس من الأسر على البطل المصاب ، وأثناء نقله من المنطقة التى كان بها إلى مطار الطور للأستجواب داخل الأرض المحتلة لاحظ أن السيارة التى تقلهم لا تدور فتأتى سيارة نصف جنزير لدفع سيارتهم لتدور أكثر من مرة فتعجب من إمكانيات الجيش الاسرائيلى الذى ملأ الدنيا طنياً بقدراته وإمكانياته وحداثة معداته .
من حسن حظ بطلنا أنه قبل إستجوابه هو ومن معه أن طلبوا منهم الاستحمام فخلعوا أحذيتهم وتم التخلص منها ، وكان يرتدى حذاءاً مميزاً خاصاً بأبطال المجموعة 39-قتال . وتم إستجوابه على أنه أحد ضباط الجيش المصرى لا على إنه أحد أعضاء المجموعة 39 قتال وإلا كان قد حدث ما لا تحمد عقابه ، وقد لاحظ من أسئلة المحققين الاسرائيلين تركيزهم على الأستفسار عما إذا كانت مصر ترغب فى إستخدام الأسلحة الكيماوية فى حربها ، وسبب سؤالهم هو أن الكمامة الواقية من الغازات كانت ضمن المعدات الأساسية للجندى المصرى أثناء القتال .
وعن طريق تبادل الأسرى بواسطة الصليب الأحمر الدولى تم إستعادة البطل محمد فؤاد مراد بعد مدة شهر ونصف بغيضة قضاها فى الأسر ولكنه يستعير كلمات قائده الشجاع إبرا هيم الرفاعى الذى أستشهد أثناء فترة الأسر وهو يدافع عن مدينة الاسماعيلية يوم التاسع عشر من أكتوبر :
" كله من أجل مصر "
حاز البطل على نوط الشجاعة عام 1973 .
إستمرت خدمة البطل بالقوات المسلحة حتى يوليو عام 1996 .
توفى مساء الجمعة 5فبراير 2016
وشيعت الجنازة من مسجد السيدة نفيسة السبت 6 فبراير وأقيمت ليلة العزاء بمسجد عمر مكرم الثلاثاء 9 نوفمبر 2016 .
***
المصدر كتاب الأشباح
و كتاب وثاقى عنى أبطال المجموعة 39 قتال
الكاتب والمؤرخ العسكرى
أحمد على عطية الله
ادرج في قائمة الشرف الوطني المصري - باب القوات المسلحة في 8/2/2016 بعد منحه القلاده الذهبية